Wednesday, April 29, 2009

أيهما أكثر (عدلا) الدين أم القانون؟!


لا يخفى على أحد أن إيجاد وحدات للقياس كالمتر والغرام، هو أساس للبحث العلمي. والاتفاق على هذه الوحدات قبل البدء بالتجربة، هو شرط اساسي لبدئها، فلا يعقل أن أقول عن طاولة بطول 3 أقدام أنها أقصر من نظيرتها ذات الخمس سنتيمترات!
كيف نقيس الأخلاق التي يمررها كل من الدين ودعاته، والأخلاق التي يفرضها القانون رغم أنه لا يعمد إلى الأخلاق في نصوصه؟
لنرى:
أولا: الأطفال
في الدين: لا يرى الدين )أيا كان الدين) أي مانع (شرعي) من أن يتم تزويج الأطفال بأي سن كانت طالما كان هناك قبول من الطرفين. ربما يجد بعض الشيوخ والكهنة أن تزويج الأطفال أمر مرفوض، ولكن لا يوجد هناك نص متفق عليه بينهم على منع تزويج الأطفال. طبعا قد يقول البعض (ولكنه لا يقدر أن يدخل بها قبل سن التاسعة) ولكن هذا الكلام أقل ما يقال عنه أنه مضحك... فالزواج ليس متعلقا بالإيلاج، بل هو أكبر من ذلك بكثير. والظلم الواقع على الطفلة – أو الطفل – في هذه الحالة ليس متعلقا بالاغتصاب الشرعي فحسب، بل بالقضاء على فكرة الطفولة بحد ذاتها. فالدين يبيح اغتصاب الأطفال جسديا ونفسيا بمسوغات شرعية.
في القانون: كل من لم يتجاوز سن الرشد (18 سنة في أغلب دول العالم) لا يحق له التوقيع على أي عقد (زواج أو غيره) كونه غير راشد وغير مسؤول. لا بل من الأساس، هو في سن لا يطلب منه أن يكون مسؤولا، بل ولي أمره هو المسؤول عنه، عن تعليمه، وعن تأهيله لدخول الحياة العملية.
طبعا، سيقول قائل: ولكن هناك الكثير ممن تجاوزوا سن الرشد وهم ليسوا براشدين، وهناك من لم يتجاوزوا السن وهم بالفعل راشدون... ولكن نقول: القوانين توضع لتناسب أغلبية الناس، وليس الحالات الشاذة.
في هجومنا على الغرب نقول، إن بناته يمارسن الجنس دونما رقيب!!! ونقولها بلاخجل، متناسين أن بناتنا يقع عليهم الاغتصاب... بوجود الرقيب!!! أيما أكثر (عدلا) أن تمارس فتاة (ناضجة) الجنس برغبة منها مع من تريد، أم أن تمارس (طفلة) الجنس مع من هو بعمر أبيها – لا بل جدها – دون أن تعلم ما هو الجنس أصلا!!
ثانيا الحكم:
في الدين: كما هو الحال في كل الأديان، فإن السلطة الممنوحة للحاكم كانت تنزل من السماء، منذ أيام الخلفاء، حيث كانت السلطة محصورة بالقرشيين، ومنذ أيام ملوك أوروبا حيث كان الحكم ينتقل من الأب لابنه كونهم عائلة مقدسة ذات دم (ملكي) موافق عليهم من البابا. هل هناك ما يتعلق بطريق اختيار الحاكم؟ لا، فهو الأوحد المخلص البطل المغوار قاهر الأشرار، منفذ تعاليم الخالق على الأرض. ولا علاقة للشعب بطريقة اختياره. الحاكم كان مالكا للدولة والشعب يأمر وينهي. فالدين يمنح الحق للحاكم أن يفعل ما يشاء ولا يوجد نص واضح يعاقبه على أخطاءه، بل يجب علينا طاعته كون السلطة ممنوحة له من السماء!!

في القانون: يتم اختيار الحاكم حسب رغبة الشعب. فهو في النهاية موظف عند الشعب!! طبعا هو موظف ذو سلطة شبه مطلقة، إلا أن الشعب – بأغلبيته – منحه هذه السلطة.
طبعا، يرد المتدينون بقولهم: ماذا لو كان هذا الحاكم المنتخب ظالماً؟ فنقول: إن القوانين الوضعية – بطبيعتها – قابلة للتغيير – بعكس نظيرتها الإلهية. وهذا التغيير قد طور القانون في معظم دول العالم، فجعل مدة انتخاب الحاكم لا تتجاوز دورتين انتخابيتين. وبهذا، وحتى لو كان ظالما، لا مفر له من العودة إلى بيته في نهاية فترة الحكم الثانية، وغير المأسوف عليه جورج بوش هو خير مثال على مرونة القانون الوضعي.
ثالثا تنظيم الأسرة:
في الدين: لم يسن الدين أي قانون ينظم الأسرة، إلا بعض المواعظ الحسنة عن معاملة الأزواج لبعضهم. بل سمح الدين الإسلامي للرجل بتطليق المرأة (أيا كانت الأسباب والظروف) ومنع المرأة من التطليق (إلا بأمر من القاضي الشرعي). كما سهل للرجل تعدد الزوجات فتشعر المرأة أنها دائما تحت التهديد، ونصح الرجل بالإكثار من الأولاد. أما الدين المسيحي، فمنع الطلاق من أساسه وأجبر الزوجين على متابعة حياتهم الكئيبة أيا كانت حالتها. لا بل وألصق بالرجل المتزوج من مطلقة تهمة الزنا!

في القانون: قد لا يكون القانون متعاطفا مع أحد، إلا أنه قانون، وصارم وواضح! في الزواج الرجل والمرأة متساويان في الحقوق. (ركزولي على كلمة في الحقوق قبل ما تحكوا عن الاختلافات الجسدية والهرمونية وتبلشو تحكو عن رفضكم لعمل المرأة في مقالع الحجارة) يحق للرجل وللمرأة قانونا أن يطلقا، ولكن لهذا الطلاق تبعات: بداية، يتقاسم الرجل والمرأة الثروة و الممتلكات التي اكتسباها سوية أثناء فترة الزواج. فليس هناك مؤخر صداق – بعشر ليرات – بعد 30 سنة حيث ال10 ليرات لا تساوي نكلة! ولا يجرؤ الرجل – أو حتى المرأة – على التطليق خبط عشواء. فالمصيبة كبيرة، وعلى الطرفين البحث عن حل. كما أنه لا يستطيع القانون إجبارهم على العيش مع بعض – غصبا عنهم – كما هي الحال في الدين المسيحي.أما بالنسبة للإنجاب، فحدث ولا حرج، الدين لا يعبأ بعدد الأولاد الذين يعملون ببيع العلكة، أو الشحادين، أو حتى النشالين. ويضطر بذلك المواطن المسكين ( والذي لا يقدر أن يستعمل الواقيات الذكرية أو الحبوب) على الإنجاب!! بينما لا يجد القانون حرجا من الحرية الجنسية بين الرجل وزوجته! فهم في النهاية متزوجين، ومن غير المعقول أن كل ممارسة جنسية يعقبها إنجاب... وجدي الذي استطاع أن يربي 14 ولد وبنت، أيامه ولت، وأنا بالكاد أستطيع أن أتكفل بمصاريفي أنا وزوجتي وولد صغير.
إن القوانين – المسماة إلهية – لا تعبأ بما يصيب البشر من مصائب... فالفتاة المغتصبة شرعا، من واجبها الطاعة ولا يكترث الإله مطلقا إن كانت تفتقد طفولتها وألعابها... فهي زوجة وعليها تأدية (الواجب الذي خلقت من أجله) على حد تعبيرهم.
إن القوانين التي وضعها الإنسان (وإن كانت لا تكترث للعواطف) إلا أنها تعنى بحماية الإنسان من الاغتصاب، جسديا، فكريا، ماليا وإنسانيا وهي أكثر عدلا وقابلية للتطور من نظيرتها الدينية... فمن أدرى با حتياجات الإنسان؟ أهو ذلك الكائن الوهمي الجالس فوق جبل الأولمب؟ أم وحش السباغيتي الطائر؟ أم الإنسان نفسه؟

تحية