Friday, June 26, 2009

الفضائية السورية... برنامج للشباب رأي


لن أتكلم عن متعة مشاهدة الفضائية السورية بشكل عام، ولكن يهمني برنامج واحد شاهدته البارحة، تتكلم فيه المذيعة المحترمة (والتي تلبس طقم من بنطال وقميص وجاكيت بيج) مع مجموعة من الشباب عن رأيهم في الموضة وفي اللباس الحديث
المبكي أن أحد الشباب كان يتحدث (وهو يلبس بنطال جينز وقميص أبيض وأصفر وعليه رقم كبير بالأزرق مثل ثياب لاعبي الركبي) عن الغزو الثقافي


أتحفنا المتحدث إياه عن دور التاجر في التوجه نحو اللباس الغربي، وكون التاجر لا يعرض سوى المنتج الغربي - يقصد الغربي تصميما وليس إنتاجا - فإننا نضطر إلى لبس ما هو موجود... ولو أن التاجر يعرض لباس عربي لكنا لبسناه
كم تمنيت أن أدخل داخل التلفزيون، وأمسك هذا المتحدث من رأسه وأصرخ في أذنه: لمَ لا تذهب إلى سوق الحميدية وتشتريلك شروال وطربوش وتمشي فيهون بالشارع؟



وأثنت المذيعة - المحترمة التي تلبس بنطال وووو - على رأيه، وأكدت أن اللباس الغربي بات يغزونا؟! وأكدت (هون النكتة) على أن اللباس ابن بيئته، وأعطت مثال (كتير حلو) أن اللباس الخليجي مثلا، هو بالفعل أنسب لباس للبيئة التي جاء منها!!
طبعا تقصد المذيعة (وكما علمونا في دروس الجغرافية) اللباس المتمثل في الكلابية البيضاء، والشماغ الأبيض أو الأحمر والعقال. طبعا هذا الزي مناسب في أوقات الحر والقيظ فعلا... ولكن ماذا عن المستورة المرأة في اللباس الخليجي في القيظ والحر؟! هي تلبس الأسود من ساسها لراسها، وهذا إجرام، ولا يناسب البيئة ولا من يحزنون!!! وتنسى المذيعة أيضا أن الجو في الخليج بات مفعما بالمكيفات، بحيث أنك لا تحتاج لأي نوع من اللباس إلا ما تهوى أنت أن تلبس.... على مزاجك يعني

تابع الضيف الكريم (صاحب بنطال الجينز والقميص وووو): علينا جميعا أن نعرف أن الأمم المتطورة لم تصل إلى ما هي عليه إلا لأنها تمسكت بعاداتها وتقاليدها...
هذه المرة لم أتمنى أن أدخل داخل التلفزيون، بل أطفئته!!!

لا أدري، هل يجد المتحدث أن الناس في فرنسا ، يلبسون البنطلون القصير، والذي يدخل الجراب فيه إلى منتصف الركبة؟ مع شعر طويل إلى الخصر؟!

هل الرجال في اسكتلندا يلبسون التنانير القصيرة، أم أن الناس في اليونان يلبسون ثوبا طويلا مكشوف الكتف تشبها بأسلافهم الإغريق؟ هل فعلا يعتقد شبابنا اليوم، أن الأمم المتطورة، قد وصلت إلى ما هي عليه لأنها متمسكة بعاداتها وتقاليدها؟! هل فعلا، اللباس هو مشكلة تحد من تطورنا؟! إن كان يعتقد أحدكم هذا، فليخلع بنطاله الجينز، وليلبس الشروال ويمشي في الشارع... وسنجده بعد فترة (بإذن الله) قد أصبح من أهم العلماء والمفكرين لأنه اتبع نهج الأولين!!

إن ربط أمور غير مترابطة، هو أسلوب تقليدي يتبعه الشموليون (بكل أطيافهم سواء كانوا دينيين أو شيوعيين أو غيرو...) فلبس البنطال مثلا هو سبب فشلنا، أو أن عدم الصلاة في المواعيد المحددة هو سبب بؤس وشقاء الأمة!! أو كما فعل الشيوعين سابقا، اعتقدوا أن ذهاب الناس إلى الكنيسة سيؤدي لانهيار التقدم والتطور في روسيا.

إن ما لم يفهمه الشموليون، هو أن تطوير الفرد بالعلم، والمعرفة، والمال، والرحة النفسية، هو سبب تطور الشعوب... إن اعتماد البحث والتجربة والفشل وتكرار التجربة مع تحسين ظروفها هو ما علم الناس كيف تصل إلى مبتغاها... لا يوجد كتاب للنجاح، إن النجاح يأت بالتجربة والتعلم والعمل، إن جرب أحدكم لبس الشروال ورأى فعلا بأن قدراته العقلية بدأت تتحسن، فعليه أن يتحدث بالفعل عن هذه التجربة الناجحة

لم يتطور الغرب (وحتى الشرق الذي ننساه دائما) لمجرد أنهم حافظوا على لباسهم، ولا على عقائدهم، ولا على إرث الأولين... إن الدافع الوحيد لعجلة التطور، هو الفرد، بأن يتعلم، بأن يعمل، بأن تكون له حرية الاختيار في عمله، وطريقة حياته، وشريك حياته... هي في أن نشعر بأننا نعيش كما نرغب... كبشر

1 comment:

  1. تحياتي
    موضوع هام و جميل
    لا يرتبط موضوع اللباس بموضوع التقدم أو التخلف الفكري إلا أنه لابد لنا أن ننتبه إلى الكيفية التي تتسرب من خلالها الثقافة الغربية إلى مجتمعنا و أقصد هنا الرموز و الرسوم على ملابس الشباب و التي لاتمت لثقافتنا أو تراثنا .
    لماذا يرتدي شاب عمره 22 عاماً كنزة عليها صور الميتاليكا أو الصبايا العراة أليس من الأجمل أن نرسم على هذه الملابس شيئا مرتبطا بنا ثقافياً .
    يا أخي لا أريد أن أبالغ و أقول لشاب في هذا العمر أن يرتدي بلوزة عليها صورة لتدمر أو للأبجدية الأوغاريتية و لكن لا بأس عليه أن يرتدي كنزة عليها صورة لفيروز أو حتى في أسوأ الأحوال لفنانات أو فنانين عرب من جيل اليوم ... يرتبط الموضوع ارتباط وثيق بلآراء و الحريات الشخصية لذلك يحتاج لتغيير في نظرة المجتمع ككل له وليس للتعامل معه على مستوى الفرد .
    على كل حال ستنطلق قريباً في محافظة اللاذقية حملة باسم " عبر يالعربي " و هي مرتبطة بهذا الموضوع و تسلط الضوء عليه و تحاول أن تقترب من آراء الشباب السوري و تعيد طرحها في المجتمع إيماناً بأهميتها .

    مع كل الحب
    rayyan.eco@gmail.com

    ReplyDelete